همسات من حياة امرأة مميزة

الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

و علمتني ابنتي درساً




19-11-2008

كم نحتاج من الوقت لنتعلم أن الحياة لحظة؟! ... و أن كل الأمور بيده سبحانه ... و أننا لولا رحمته و لطفه لكنا من المعذبين و الأشقياء ... فحسبنا الله و نعم الوكيل ... تفضل علينا و تكرم بنعمة الأبناء و الصحة ... اللهم أدمها نعمة و احفظها من الزوال ...ابنتي الدلوعة "رهف" ... اسم على مسمى ... حساسة و مرهفة الى أبعد الحدود ... تتميز بشخصية مستقلة جداً ... لها رأيها و قناعتها ... تحب أن تسألني كثيراً و عادةً لا ترضى بإجابات مختصرة ... لانها لا تريد تنفيذ أي شيء بمجرد أن سمعته مني ... دائما تريد ان تقتنع ... قناعتها مهمة جداً ... تشبهني كثيراً ... كلماتها و حركاتها و تصرفاتها و ردود أفعالها ... حتى جلستها و مشيتها ... من يراها من أهلي و كان يعرفني في صغري يتذكر طفولتي فوراً ... عنادي و دلعي و غروري ... اعتدادي الشديد بنفسي ... و برأيي ... اتساع عيناها و نعومة شعرها ... بياض بشرتها ... مثلي تماماً ... رهف لم تبلغ عامها الثالث ... و لكنها منطلقة ... تتحدث و تلعب و تتحكم بالأطفال من هم في مثل عمرها ... سمعت من يقول عنها أنها "قوية" و لا تتنازل ... و لكني أدافع عنها و أقف دائماً بصف قراراتها و تصرفاتها ... أشعر أنها أكبر من عمرها الحقيقي ... و أصطحبها معي بكل مكان أذهب إليه فهي محببة جداً الى قلبي ... اليوم أراد الله أن يجعلها تعلمني درساً قاسياً ... نزلت رهف من سيارتي و ركضت مسرعة تقطع الشارع أمام بيتنا ... التفت اليها لم أجدها بجانبي ... نظرت بعيداً فوجدتها على الجانب الآخر من الشارع ... ناديتها بصوت عالٍ و طلبت منها أن تتوقف ... و لكنها أسرعت تركض نحوي ... و تزامن مع سرعتها سيارة قادمة من أقصى الشارع ... انهرت تماماً و أنا أرى المنظر ... صرخت و ناديتها أن توقفي و لكنها لم تسمعني و استمرت بالركض ... و الله لو أسرعت قليلاً لحدث ما لا تحمد عقباه ... و لكن الله أراد أن يرسل رحمته إلينا و يحميها و يحفظها ... و توقف الزمن ... مضت السيارة المسرعة في طريقها و ظهرت ابنتي من خلفها تركض نحوي ... تجمدت أطرافي و توقفت نبضات قلبي و نشف جريان الدم في عروقي فلم أستطع أن أتحرك ... أتت نحوي و أنا بوضع عصيب ... كنت بين الانهيار و الضعف ... و بسرعة أمسكتها من كتفيها الصغيرتين و صرت أصرخ بوجهها ... لماذا تركضين بالشارع؟ ألم أحذركِ من السيارات؟ لماذا لم تنتظريني؟ لماذا لم تمسكي يدي؟ صارت تبكي ... تظن أن أمها صارت تكرهها ... لا تعرف أن قلبي يحترق عليها ... و أنني أخاف عليها من الهواء الطائر ... و أنني كدت أفقدها لولا رحمة ربي بي ... أحمده كما ينبغي لجلال وجهه و عظيم سلطانه ... هو وحده يعلم أي مصيبة ستصيبني لو تضررت ابنتي لا سمح الله ... فسوف ألوم نفسي لآخر يوم بعمري ... تخيلت ماذا كان ممكن أن يحدث لولا لطفه سبحانه ... فقد تفضل علي بعفوه و كرمه ... بكيت لأنني تذكرت أن الحياة لحظة ... و أننا نحياها بلطف الله و ليس بقوة منا و لا بجبروتنا ... شعرت أن الله سبحانه أرسل لي رسالة ... يذكرني بأن الحياة ليست ملكي و ليست بيدي بل هي بأمره جلَّ في علاه ... و أن حركاتنا و همساتنا و ذهابنا و ايابنا ليس منا و إنما بقدرته سبحانه ... تأملت لطف الله و رحمته التي شملتنا في تلك اللحظة ... و كيف أنه أحسن إلينا ... حمدته بسري و بعلني و أعلم أني مهما حمدته و شكرت فضله فلن أوفيه حقه ... الحمد الله له الفضل كله ...الحمد لله المنعم المتكرم المتلطف ...الحمد لله ملء السماوات والأرض حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ...ومهما حمدت ربي وشكرته لا أوفيه حقاً جل جلاله وتقدست أسماؤه ...اللهم أنتَ الغني و نحن الفقراء ... فلا تلكنا لأنفسنا طرفة عين ...اللهم بارك لي في أبنائي ووفقهم وارزقني برهم ...اللهم احفظهم و احميهم و أبعد عنهم الأمراض و الأسقام و كل أذى يا رب العالمين ....اللهم أنت أرسلتهم لي أمانة فوفقني على حمل هذه الأمانة و تربيتهم التربية السليمة و الصالحة التي تحبها و ترضى عنها ...اللهم أرسل ملائكتك لحفظهم و رعايتهم و إن أراد أحد بهم السوء فأبعده يا رب بقدرتك فأنت تقدر ولا أقدر و أنت علام الغيوب ...


اللهم بلغني فيهم و اجعلهم قرة عين لي و لوالدهم ... و فرحني بهم و جمِّل مستقبلهم ... و ارزقهم خيري الدنيا و الآخرة ...يا رب ارزقني القدرة على تربيتهم التربية الحسنة و التي ترضى عنها يا رب العالمين ...



ليست هناك تعليقات: